مساحة الهند الشاسعة (ما يزيد على مليون ميل مربع) تدل
بوضوح على ان من يود زيارتها، لأول مرة، يجب ان يأخذ في الاعتبار ان
التجول في مختلف أنحائها والمناطق التي تستحق الزيارة يتطلب وقتا أطول من
متوسط فترات العطلات. فالهند بلد يجتذب أنواعا مختلفة من الزوار مثل طلاب
الجامعات الذين يريدون الاستمتاع بعطلة طويلة او هواة الرحلات الطويلة حول
العام.
ولكن ماذا عن الأشخاص الذين ليس لديهم اكثر من عطلة اسبوع او اسبوعين في
العام؟ هل يمكن القول هنا ان الهند غير مناسبة لهؤلاء؟ الإجابة: لا. إذ ان
زيارة اصغر منطقة جغرافية في الهند على مدى فترة اسبوع او عشرة أيام تعتبر
تجربة سفر مقنعة ومفيدة. ليس هناك من يمكن ان يفرط في زيارة «تاج محل» او
المواقع السياحية البارزة الاخرى. قضاء يومين في البداية في العاصمة
نيودلهي سيمنح الزائر فرصة للوقوف على طبيعة الحياة وإيقاعها وتفاصيلها
اليومية في الهند الحضرية، علما بأن ثلثي الهنود يسكنون خارج المدن. وتشمل
الزيارة الى هذه المنطقة، الى جانب زيارة «تاج محل»، آثارا وقصور غواليور
وقرية اورشها حيث القصور والقباب والقرى والمعابد الهندوسية. من الأفضل
البدء بنيودلهي، حيث القِبَاب التي يعود تاريخها الى القرن الخامس عشر
لسلاطين لودي، وقبة همايون التي تعود الى ثاني امبراطور مغولي في الهند
فقد الامبراطورية وأعادها ثانية وتوفيَّ عام 1556. من ضمن المعالم القديمة
المثيرة للاهتمام مسجد كالان وقبة خاني خانانا. هذه المعالم موزعة على
الأحياء السكنية المجاورة. بعض الحدائق في هذه المنطقة تستخدم ميادين
لمباريات الكريكيت. ويربط شارع ماثورا بين قبة هومايون وضريح الشيخ الصوفي
نظام الدين اوليا. وكما هو الحال في كل المواقع والمزارات التي يتوجه
اليها ملايين في الأماكن المقدسة تكون هناك حركة بيع نشطة لمختلف الأشياء
للزوار مثل أوراق الزهور من النوع الذي كان يفضله الشيخ نظام الدين مقابل
الدعاء لزواره. ويترك الزوار احذيتهم خارج المزار، ويطلب من النساء وضع
غطاء على الرأس. يحتاج الزائر لقدر كافٍ من الوقت لمشاهدة الفن المعماري
والألوان الزاهية في مختلف أنحاء الضريح من الداخل قبل دخول مجموعة من
المغنين الى الباحة الرخامية وجلوسهم القرفصاء بعضهم يعزف على الطبول
وآخرون يعزفون على آلة قديمة لتنتشر أصوات الايقاعات والموسيقى والغناء
الجماعي.
هناك ايضا مدينة شاهجاهاناباد المسورة التي شيدها الامبراطور المغولي شاه
جاهان في القرن السابع عشر ويطلق عليها اليوم دلهي القديمة، على الرغم من
انها ليست أقدم أجزاء المدينة. تتضمن معالمها المسجد الجامع، وهو اكبر
مساجد الهند. يمكن للزائر ان يشاهد نشاط الحياة اليومية لسكان دلهي
القديمة بصورة مفتوحة، إذ يلاحظ الزائر الشباب وعمليات الحلاقة والتشذيب
في صالونات حلاقة مفتوحة على الشوارع، كما ان رؤية الأغنام في بعض الأحياء
من المشاهد المألوفة في هذا الجزء من المدينة. ويبقى مطعم كريم بالقرب من
المسجد واحدا من افضل الاماكن لتذوق الطعام المغلاي الثري. ولا يمكن
استكمال جولة في المنطقة بدون ركوب الريكشو وسط حي غاندني تشواك، وهي
منطقة التسوق الرئيسية في دلهي، إن لم يكن في الهند كلها.
ويمكنك مشاهدة الوجه المعاصر للهند بالانتقال الى احياء الطبقات المتوسطة،
حول حمامات السباحة في «بارك هوتيل». وبعد قضاء يومين في دلهي، يحين الوقت
لزيارة اغرا والطريقة المثالية هي السفر بالقطار، لمشاهدة الطبيعة
والاحتكاك بالمحليين.
وليس من الصعب على الأجانب عدم عقد صداقات جديدة بالهنود خلال رحلة
القطار، سواء عبر الجلوس مع البيروقراطيين والضباط المتقاعدين في العربات
المكيفة، او مع المزارعين والعمال المهاجرين في الدرجات الرخيصة في القطار.
وفي اغرا، يفضل أن تستأجر سيارة طوال مدة وجودك. ويمكن لمعظم الفنادق
ترتيب ذلك، ومن المتوقع دفع ما يتراوح بين 500 و900 روبية يوميا للسيارة،
اعتمادا على ما اذا كانت مكيفة ام لا.
وفي البداية يجب عليك زيارة ضريح اكبر في سيكندرا على بعد 5 اميال شمال
غربي وسط المدينة. وأعظم مكان فيه هو ممر العظمة، الذي ينتشر فيه القرميد
ذاو التصميمات الهندسية.
وفي داخل الضريح، توجد قاعة داخلية خالية من أية نقوش، حيث يوجد قبر اكبر
العظيم ثالث واعظم اباطرة المغول. إلا ان قبر حفيده هو الذي دفعك للحضور
من اماكن بعيدة في العالم لزيارته.
فقد بنى شاه جيهان تاج محل في القرن السابع عشر كضريح لزوجته المفضلة
ممتاز محل، التي ماتت عقب إنجابها طفلها الرابع عشر. وكان شاه جيهان
المصاب بجنون العظمة حتى بمقاييس المغول، يعرف كيف يترك انطباعا اوليا.
فيوجد ممر من الحجر الرملي الأحمر يحجب رؤية تاج محل حتى اللحظة الاخيرة.
وبالرغم من ملايين السياح سواء من الهنود والاجانب الذين يزورون تاج محل،
فإن القليل منهم يهتمون بعبور النهر لزيارة مهتاب باغ وهي حديقة مطلة على
ضفاف نهر يعتقد ان شاه جيهان اقامها خصيصا للتطلع على تاج محل.
ومن السهل قضاء يوم في الأقل تتجول بين القصور والحدائق والمساجد لهذه المدينة التي شيدت في القرن السادس عشر.
وفي اليوم التالي ودع الرحلات الجماعية المتجهة الى جايبور واستخدم القطار
المتجه إلى غواليور التي تبعد ساعتين عن اغرا. واهم المعالم السياحية قصر
مانسينغ المزين برسومات طفولية. والعودة الى وسط المدينة. وتعيش الاسرة
المالكة السابقة في قصر جاي فيلاس (قصر الاسرة الصغير المجاور تحول الى
فندق فاخر).
وفتحت الاسرة جزءا من القصر للأفراد كنوع من التكريم لذوق المهراجا السابق
في الديكورات، حيث يحتوي القصر على بارات من المرايا وفي قاعة الطعام قطار
العاب زجاجي مصمم للسير عبر الغرفة لنقل السيجار والمشروبات.
وعلى بعد 90 دقيقة بالقطار من غواليور توجد مدينة اورشا التي كانت في يوم
من الايام عاصمة عشيرة بونديلا القوية، ولكنها اصبحت اليوم مجرد قرية.
والقصر الرئيسي المهجور الذي يرجع للقرن السابع عشر يقع فيما يعتبر جزيرة
في بيتوا وهو نهر نظيف للغاية.
وبعد رحلة العودة الى دلهي التي استغرقت 6 ساعات، اذا ما كان لديك بعض الوقت يمكنك شراء الهدايا والتذكارات في متحف الحِرف.