المصورون : كا الذي يصور انسانا أو حيوانا أي كان نوع هذا
التصوير ( مجسم أو غير مجسم ) سواء كان نحت أو رسم أو باستخدام آلة تصوير
والأصل فى الصور حرام الا ما كان للضرورة فقط كا صورة جواز السفر أو صورة المجرم ليعرفه الناس مثلا
وأيضا دخل ضمن هذا (الضرورات) صور التعليم الديني والدنيوي وأيضا أصبح مفيدا بسبب ظهور هذه الفتن العظيمة فى العالم
بالنسبة لصور الطبيعة فلا يوجد فيها شئ ... المقصود بالصور للكائنات التى فيها روح كاالانسان أو الحيوان
وهنا فتوى شيخنا الألباني في تحريم التصور
[size=21]
[color=DarkRed]الدليل الأول: حديث عمر: (إن الذين يصنعون هذه الصور...)
أولاً: عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن
الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)
رواه البخاري و مسلم . فهذا الحديث يحرم التصوير، ويبين أنه من كبار
المعاصي؛ لأن الرسول عليه السلام يصرح بأن هؤلاء الذين يصنعون ويصورون هذه
الصور يُعذبون يوم القيامة تعذيباً -أقول من باب التوضيح- يكاد يكون
أبدياً، لأنهم يعذبون حين يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، فإن استطاعوا إحياء
ما خلقوا انتهى العذاب، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً، كما سيأتي في بعض
الأحاديث الآتية. ويجب أن نلاحظ هنا أن في الحديث اسم إشارة: (إن الذين
يصنعون هذه الصور) فما هي الصور التي أشار الرسول عليه الصلاة والسلام
إليها باسم الإشارة (هذه) في قوله: (إن الذين يصنعون هذه الصور)؟ إن
الوقوف عند هذا الاسم ومحاولة فهمه فهماً صحيحاً، يزيل إشكالاً واضطراباً
كثيراً عند بعض الناس من الراغبين في معرفة الحقائق الفقهية، فإنهم حينما
يسمعون بعض المؤلفين -اليوم- والكتاب يحملون كل الأحاديث المُحرِّمة
لِلتصوير على تصوير المجسم، أي: على نحت الأصنام. هكذا يتأولون الأحاديث
المُحرِمِّة للتصوير. فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الذين يصنعون
هذه الصور) ماذا يقصد بهذه الصور؟ أهي كما قال هؤلاء: الأصنام؟ أنا أقول:
هذا أبعد ما يكون عن مقصود الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث،
وبخصوص اسم الإشارة (هذه)، لماذا؟ لأن الرسول عليه السلام قال هذه
الأحاديث في المدينة حيث لم يبق للتماثيل وللأصنام بقية تذكر مطلقاً، بعد
أن نصر الله عز وجل نبيه بفتح مكة، وحطم الأصنام التي كانت موضوعة على ظهر
الكعبة، فانطمس الشرك وآثاره بالكلية، ولكن بقيت بقايا من الصور التي قد
تكون يوماً ما سبباً لعودة الشرك إلى قوَّتِه التي كان عليها قبل بعثة
الرسول عليه الصلاة والسلام، فأنا أستبعد جداً أن يعني الرسول عليه السلام
باسم الإشارة (هذه) الأصنام التي قَضَى عليها وحطمها. فالأقرب أنه يعني
صوراً كانت لا تزال منبثة، ولا يزال المسلمون يقتنونها في بيوتهم وخيامهم،
وغيرها من الأماكن، فهو عليه الصلاة والسلام حين قال: (إن الذين يصنعون
هذه الصور) يشير إلى صور قائمة ومنبثة بين الناس، ويؤكد هذا المعنى أن
حديث عائشة رضي الله عنها -الآتي- في بعض رواياته وألفاظه: أن الرسول عليه
السلام حينما دخل عليها ورأى القرام -الستارة- وعليها الصور، قال: (إن أشد
الناس عذاباً هؤلاء المصورون)، فهو يشير إلى هؤلاء الذين يُصورِون الصور
على الستائر، ولا يعني الأصنام؛ لأن الأصنام لم تكن في بيت السيدة عائشة
رضي الله تعالى عنها. إذاً: قوله: (إن الذين يصنعون هذه الصور) لا يعني
بها الصور المجسمة مباشرة، وإنما يعني الصور غير المجسمة، ويسميها
الفقهاء: التي لا ظل لها، فإذا حرم الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الصور
غير المجسمة أو التي لا ظل؛ لها فمن باب أولى حينئذ أن يُحرِّم الأصنام
والتماثيل. ومن باب التحذير من تعاطي هذه الصور صنعاً واقتناءً، يبين
الرسول عليه السلام في هذا الحديث ما هي عقوبة الذين يُصورِون هذه الصور،
فيقول: (يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ولا يستطيعون
إحياءهم، فهو كناية عن استمرارهم في العذاب إلى ما شاء الله، واستمرارهم
في العذاب يختلف باختلاف واقع الإيمان في قلوبهم، فمن مات منهم مؤمناً
فسينجيه إيمانه يوماً ما من أن يستمر تعذيبه في النار، ومن مات مُستحِلاً
لِمَا حرَّم اللهُ فقد عرفتم من البيان السابق أنه كافر، وأنه يُخلد في
النار إلى أبد الآبدين. هذا هو الحديث الأول، وهو من حديث عمر مما رواه
البخاري و مسلم .
الدليل الثاني: حديث عائشة بتعدد رواياته
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله
عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام -السهوة: الطاقة في الحائط،
والقرام: الستارة- فيه تماثيل) أي: فيه صور. وهنا فائدة لغوية بالنسبة
لبعدنا اليوم عن اللغة العربية، أو لسيطرة بعض الاصطلاحات، فنحن اليوم
نفهم من لفظة (تمثال) أو (تماثيل): أنها الأصنام، فهذا تمثال المالكي
-مثلاً-: نحن لا نقول: هذه صورة، وهي صورة بلا شك، كما أن الصور التي
نقتنيها على الورق هي أيضاً في لغة العرب تسمى تماثيل، والشاهد على ذلك هو
هذا الحديث، فالرسول عليه الصلاة والسلام حينما دخل على السيدة عائشة، كما
في هذه القصة، فرآها وقد علقت قِراماً -أي: ستارة- عليه تماثيل، والتماثيل
توضع على الجدار ولا توضع على الأستار، لكن اللغة واسعة، فإن قلت: صورة،
فيمكن أن تكون الصورة بمعنى الصنم، أو صورة ليس لها ظل. وكذلك إن قلت:
تمثال، فهو بمعنى صورة، فقد يكون مجسماً، وقد يكون غير مجسم، فجاء هذا
الاستعمال في هذا الحديث بالمعنى الذي لا ينتبه له كثيرٌ من الناس. إذاً:
الرسول عليه الصلاة والسلام رأى تماثيل على الستارة، -أي: صوراً- وهذه
الصور سواءً كانت ملونة بدهان، أو مطرزة تطريزاً فليست أصناماً.. تقول:
عائشة رضي الله عنها : (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت
سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون
وجهه -أي: تغير غضباً واحمر- وقال: يا عائشة! أشد الناس عذاباً عند الله
يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)، أي: الذين يعملون أعمالاً من
التصوير؛ سواءً كان التصوير مجسماً أو غير مجسم، فهم يتشبهون بخلق الله عز
وجل لخلقه: (يضاهون بخلق الله) أي: بما يخلق الله، فالله يخلق هذه الأجسام
وهذه الحيوانات وهم أيضاً يضاهون، والمضاهاة ليس من الضروري -كما هو
معلوم- أن تكون من جميع الوجوه، فالذي ينحت في التمثال، أو يصور الصورة
على الورق، يضاهي رب العالمين من حيث الهيكل و الصورة، ولكن أهم شيء في
ذلك هو نفخ الروح، ولذلك لمّا كان عاجزاً عنه يُعذب يوم القيامة بأن يُؤمر
بنفخ الروح فيها، فلا يستطيع وليس بنافخ. إذاً: المضاهاة المقصود بها هنا،
والتي جعلها الرسول عليه السلام في هذا الحديث عِلة تحريم التصوير، هي:
المضاهاة الشكلية الظاهرة، فقال عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة ! أشد
الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله، قالت:
فقطّعناه، فجعلنا منه وسادة أو وسادتين). وفي رواية قالت: (دخلَ عليَّ
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صورٌ -هنا استعمل
الراوي لفظة (صور) مقابل (تماثيل)، فالمعنى واحد- فتلون وجهه، ثم تناول
الستر فهتكه -أي: مزقه- وقال: إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين
يصورون هذه الصور)، جاء الشاهد الذي أشرت إليه فيما علقته على حديث عمر
الأول: (إن الذين يصنعون هذه الصور) قلنا: إن اسم الإشارة (هذه) هنا يشير
إلى الصور غير المجسمة، وهذا هو الدليل؛ لأن قصة السيدة عائشة لها هذه
المناسبة وهذا السبب، وهو دخول الرسول عليها وقد علقت الستارة وعليها
التماثيل والصور، فقال عليه الصلاة والسلام مشيراً إلى هذه الصور التي على
الستارة: (إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور).
ولذلك فإن قرأتم أو سمعتم هذه الأحاديث التي فيها هذا الترهيب الشديد من
التصوير، إنما يُراد بها الذين كانوا يصنعون الأصنام التي تعبد من دون
الله، وحمل الحديث على هذه التماثيل باطل؛ لأن الرسول عليه السلام إنما
يشير إلى الصور التي كانت في قِرام السيدة عائشة، ونحن نعلم بالضرورة أن
هذه الصور: أولاً: ليست أصناماً مجسمة. ثانياً: لم تأت السيدة عائشة بهذا
القرام -بهذه الستارة- التي فيها الصور لتعظمها أو تعبدها من دون الله عز
وجل، حاشاها من ذلك! إذاً: فتأويل هذه الأحاديث وحملها على الأصنام التي
كانت تعبد من دون الله، ونتيجة ذلك أن التصوير المحرم انقضى زمنه كما ينعق
-أقولها صراحة- بعضهم بهذا الكلام؛ وإنما كان هذا النهي كسياج للقضاء على
الشرك والوثنية، وقد انتهى أمر الشرك والوثنية؛ ولذلك فتعاطي الصور -لا
سيما إذا كانت غير مجسمة- لا بأس بها عند هؤلاء الذين يتأولون الأحاديث
على المعاني التي تدل الأحاديث على خلافها، كما سمعتم في قصة السيدة عائشة
رضي الله عنها. وفي رواية أخرى عن السيدة عائشة رضي الله عنها، ويبدو أنها
قصة أخرى؛ لأن هذه الرواية تقول: إنها اشترت نمرقة -وهي المخدة- والقصة
الأولى بروايتيها تدور حول الستارة، فالرسول عليه السلام في تلك القصة
أنكر التصاوير وهي على الستارة، وتأكيداً لتحريم استعمالها مزق الستارة
كما سمعتم، وعندنا الآن قصة أخرى: تقول السيدة عائشة : أنها اشترت نمرقة
-وهي المخدة- وتلاحظون شيئاً في هذه القصة: أننا نستطيع أن نفسر بها طرفاً
من القصة السابقة، ففي القصة السابقة سمعتم بأن الرسول عليه السلام بعد أن
هتك الستارة، ماذا صنعت السيدة عائشة بهذا الستارة؟ قطّعتها واتخذت منها
وسادتين -أي: نمرقتين- فهنا يقول البعض: بأن الصور كانت ظاهرة على
الوسادتين اللتين اتخذتهما السيدة عائشة من الستارة التي هتكها الرسول
عليه السلام، فإن سُلِّمَ بهذا التفسير -أي: كانت الصور ظاهرة على
الوسادتين- نقول: هذا يمكن أن يكون قبل القصة الآتية، التي فيها إنكار
الرسول عليه السلام على السيدة عائشة شراءها النمرقة أو الوسادة وفيها
صور؛ فكيف يُمكن أن نجمع بين إقرار الرسول عليه السلام للوسادتين وعليهما
الصور بهذا التأويل، وبين إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة حين
اشترت النمرقة وعليها الصور كما سترون؟ فإن سُلِّمَ بأن الصور كانت ظاهرة
في الوسادتين -وهذا خلاف ما يبدو لنا؛ لأن الستار مقطع- فنقول: هذا كان
كمرحلة من مراحل التدرج في التشريع، فحينما هتك الستارة أنكر تعليق الصور،
فلما اتخذت من الستارة وسادتين وعليها الصور -جدلاً- أقر ذلك مبدئياً، ثم
في مرحلة أخرى أنكر -أيضاً- حتى الصور التي على الوسادة. وينتج من هذا أنه
لا يجوز أن يكون في البيت صورة؛ سواءً كانت معلقة -أي: محترمة- أو كانت
موطوءة -أي: مُهانة- ولا فرق حين ذاك بينهما، فكما تمنع تلك المعلقة تمنع
هذه الموطوءة بالأقدام، بدليل قصة عائشة الآتية، وهي: (أنها اشترت نمرقة
فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام على الباب
فلم يدخل، قالت: فعرفتُ في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى
الله وإلى رسوله مما أذنبت! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما
بال هذه النمرقة؟ فقلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: إن أصحاب هذه الصور -أيضاً هنا اسم إشارة ينطبق
على الصور غير المجسمة- يُعذبون يوم القيامة، فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم،
وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) رواه البخاري و مسلم .
فقصة النمرقة هذه تلتقي في الإفادة مع قصة الستارة، وهي أن الرسول عليه
السلام حرَّم في القصتين تحريماً باتّاً التصوير غير المجسم -أي: غير
الأصنام- والقصتان متفقتان على هذا، ولكن القصة الأولى -قصة الستارة- ليس
فيها التصريح بأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة موطوءة، فلا يوجد فيها
هذا البيان؛ بل فيها الاحتمال الذي يتمسك به بعض الناس اليوم، أنه لما
اتخذت السيدة عائشة الستارة وسادتين وعليهما الصور كانت هذه الصور واضحة
وظاهرة. إذاً: لا نغتر ببعض كلمات نسمعها بعدما سمعنا هذا الحديث، فلا
نغتر بمن يقول: لا بأس إذا كانت الصورة على وسادة، أو إذا كانت الصورة على
سجادة؛ لأنها ممتهنة غير محترمة، لا، فهذا حديث يصرح أن هذه الصورة التي
هي على النمرقة، ويمكن الاتكاء عليها -ويا ليتها بهذا الاتكاء- هي من جملة
الصور التي تمنع دخول الملائكة. فالبيت المسلم لا يجوز أن يكون فيه صور
ظاهرة -هذا أقل ما يُقال- مهما كانت هذه الصور، فيجب أن نحرص كل الحرص أن
نُجنب إظهار الصور في بيوتنا؛ لأن هذا الظهور يمنعُ دخول الملائكة، ومعنى
هذا خطير جداً؛ لأن العامة يقولون: (إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين)
فهذا شيء كأنه مستنبط من هذا الحديث، إذا كانت الملائكة لا تدخل البيت فمن
يدخله إذن؟ إذا خلا الجو لهؤلاء الشياطين سارعوا إلى هذه البيوت، فالقضية
متعاكسة تماماً، فإذا اتخذت الوسائل الشرعية لاستجلاب ملائكة الله عز وجل
إلى دارك؛ فقد اتخذت سبباً قوياً جداً في إبعاد الشياطين عن بيتك، والعكس
بالعكس تماماً؛ إذا تساهلت فخالفت الشرع واتخذت الأسباب لعدم دخول
الملائكة إلى بيتك؛ فقد أفسحت المجال لدخول الشياطين إليه. هذه حقائق
شرعية لا يمكن للإنسان أبداً أن يعرفها بمجرد عقله، ومن هنا نعرف أهمية
الشريعة، وخاصة منها السنة التي تشرح لنا أموراً دقيقة تخفى حتى على
المسلمين، إلا الذين يستنيرون بنور النبوة والرسالة.