[color=Red] الخروج على الحكاماعلم - رحمني الله وإياك - أن الحكام على ثلاثة أقسام:1.حاكم مسلم عادل , [color=DarkRed]تجب طاعته ومعونته ونصحه والدعاء له2. حاكم ظالم ( جائر فاسق ) ،
فيجب الصبر عليه وطاعته في المعروف, و يحرم الخروج عليه بالإجماع3.حاكم كافر
يجب الخروج عليه إذا توفر شرطان أساسيان :
الأول :
أن يكون كفره بواحا توافر البرهان عليه لدى العلماء الثقات
[color:de66=black:de66]الثاني : أن تتوفر القوة الكافية التي يمكن بها عزله وتنصيب غيره من أهل الصلاح ، دون أن يترتب على ذلك مفسدة أكبر أو شر أعظم
ـ قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( فتاواه 8/203 ):«
..... لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم [color=DarkRed]إلا أن يروا كفرا بواحا (أي ظاهرا مكشوفا) عندهم من الله فيه برهان، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما
فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم،
وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر
كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس
أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن
عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرا أكثر.
والقاعدة الشرعية المجمع عليها
( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو شر منه بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه) وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين ف[color:de66=DarkRed:de66]
إذا
كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندها
قدرة تزيله بها وتضع إماما صالحا طيبا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير
على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس، أما إذا كان الخروج
يترتب عليه فساد كبير واختلال الأمن وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق
الإغتيال إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز بل يجب الصبر والسمع
والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في
تخفيف الشر و تقليله وتكثير الخير ، هذا هو الطريق السوي الذي
يجب أن يسلك، لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر
وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين ومن شر أكثر، نسأل
الله للجميع التوفيق والهداية. انتهى من رسالة. . »
(المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم) فلتراجع.
ـ من فتوى الشيخ ابن باز: قال - رحمه الله - ( فتاواه 8/202 ):«
.
. . فإذا أمروا بمعصيةٍ فلا يُطاعون في المعصية؛ لكن لا يجوز الخروج عليهم
بأسبابها . . . » وقال - رحمه الله - ( فتاواه 8/203 ): «. . لا يجوز لهم
منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من
الله فيه برهان » .
ـ وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن الخروج على الحاكم الكافر :«
إن كنّا قادرين على إزالته؛ فحينئذٍ نخرج ، وإذا كنّا غير قادرين ؛ فلا نخرج ؛ لأن جميع الواجبات الشرعية مشروطةٌ بالقدرة والاستطاعة
. ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة أكبر وأعظم مما لو بقي هذا
الرجل على ما هو عليه . لأننا خرجنا ثم ظهرت العِزّةُ له؛ صِرْنا أذِلّة
أكثر، وتمادى في طغيانه وكفره أكثر.
فهذه المسائل تحتاج إلى: تعقُّلٍ، وأن يقترن الشرعُ بالعقل، وأن
تُبعد العاطفة في هذه الأمور، فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تُحمِّسنا،
ومحتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلاك».
*
الخوارج الذين يرون أنه لا طاعة للإمام
والأمير إذا كان عاصياً؛ لأن من قاعدتهم أن الكبيرة تُخرج من الملة( فهذا
مذهب الخوارج الخروج بالمعصية والتكفير بالكبيرة. فإذا خرج من خرج على
إمامه للكفر فلا يجامع الخوارج في صفتهم ووصفهم وحكمهم )
قول بعض السفهاء: إنه لا تجب علينا طاعة ولاة الأمور إلا إذا استقاموا استقامة تامة !
فهذا خطأ، وهذا غلط، وهذا ليس من الشرع في شيء؛ بل هذا مذهب الخوارج الذين
يريدون من ولاة الأمور أن يستقيموا على أمر الله في كل شيء . وهذا لم يحصل
من زمن، فقد تغيرت الأمور( وهذا حق )
ليس معنى ذلك أنه إذا أمر بمعصية تسقط طاعته مطلقاً
! لا . إنما تسقط طاعته في هذا الأمر المُعيّن الذي هو معصية لله، أما ما
سوى ذلك فإنه تجب طاعته وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين
وإن كانوا فسقةً ظالمين.قال ابن تيمية - رحمه الله - مُشيراً إلى شيءٍ من التلازم بين الخروج والمفسدة ( المنهاج 3/391 ): «
ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته » انتهى.
وقال - رحمه الله - ( شرح رياض الصالحين 5/269 ط دار الوطن ):
«
يجب علينا أن نسمع ونطيع وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين؛ فتقصيرهم هذا عليهم، عليهم ما حُمّلوا وعلينا ما حُمّلنا ».
حكم خروج الحسين رضي الله عنه:لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة. ولذلك نهاه
كثير من الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع، وبهذا الخروج نال أولئك
الظلمة من سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قتلوه مظلوماً شهيداً.
وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، ولكنه أمر
الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس. ـ سُئل فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدِّث الديار الإسلامية وعلاَّمة عصرهس: ما يسمى في الوقت الحاضر بالانقلاب العسكري على الحاكم، هل هو وارد في الدين، أم هو بدعة ؟ الجواب: هذه
الأفعال لا أصل لها في الإسلام، وهي خلاف المنهج الإسلامي في تأسيس الدعوة
وإيجاد الأرض الصالحة لها، وإنما هي بدعة كافرة تأثر بها بعض المسلمين. ـ سئل الشيخ صالح الفوزان : هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة؛ ما هو منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم؟فأجاب : الحمد لله منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم السَّمعُ والطّاعة؛ يقول الله سبحانه وتعالى:
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59.]. والنبي صلى الله عليه وسلم كما مرَّ في الحديث يقول:
"أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش
منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين
المهديّين من بعدي" ؛ هذا الحديث يوافق الآية تمامًا. ويقول صلى الله عليه وسلم:
"مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني" [رواه البخاري في "صحيحه" (4/7-
.]... إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحثِّ على السّمع والطّاعة، ويقول صلى الله عليه وسلم:
"اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (3/1476) من حديث حذيفة رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا.].
فوليُّ أمر المسلمين يجب طاعته في طاعة الله، فإن
أمر بمعصيةٍ؛ فلا يطاع في هذا الأمر (يعني: في أمر المعصية)، لكنّه يُطاع
في غير ذلك من أمور الطّاعة.وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال:
فإن
كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد
حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله. أمّا إذا
كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة
الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة، والنبي
صلى الله عليه وسلم عاش في مكة ثلاثة عشرة سنة بعد البعثة، والولاية
للكفَّار، ومع من أسلم من أصحابه، ولم يُنازلوا الكفَّار، بل كانوا
منهيِّين عن قتال الكفَّار في هذه الحقبة، ولم يُؤمَر بالقتال إلا بعدما
هاجر صلى الله عليه وسلم وصار له دولةٌ وجماعةٌ يستطيع بهم أن يُقاتل
الكفَّار.
هذا هو منهج الإسلام: إذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون
إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا
يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم
بالإبادة والقضاء على الدّعوة، أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها
الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة.
هل المقصود بالقوّة هنا القوّة اليقينيّة أم الظّنّيّةُ؟الحمد لله: القوّة معروفة؛ فإذا تحقّقت فعلاً، وصار
المسلمون يستطيعون القيام بالجهاد في سبيل الله، عند ذلك يُشرعُ جهاد
الكفّار، أما إذا كانت القوّة مظنونةً أو غير متيقّنةٍ؛ فإنه لا تجوز
المخاطرة بالمسلمين والزَّجُّ بهم في مخاطرات قد تؤدّي بهم إلى النّهاية،
وسيرةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في مكّة والمدينة خير شاهد على هذا.القاعدة الشرعية المجمع عليها:
( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ) .
أما درء الشر بشرٍ أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة
التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها،
وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على
المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان
فلا بأس ،
أما
إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس واغتيال
من لا يستحق الاغتيال ... إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل
يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم
بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير . هذا
هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن
في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين
من شر أكثر.
ـ يقول النووي - رحمه الله - ( شرحه لصحيح مسلم كتاب: الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء . . . ):
«
. . . وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقةً
ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث على ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل
السلطان بالفسق » انتهى .
ـ قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( الفتح 13/9 تحت الحديث رقم: 7054 ):
[color:de66=DarkRed:de66]« قال ابن بطال: وفي الحديث حجة على ترك الخروج على
السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد
معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين
الدهماء . وحجّتهم هذا الخبرُ وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا
إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ».
وفي الختام نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يوفق الجميع للخير،
وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، وأن يعيذنا
وإياهم من شرور النفس، وسيئات الأعمال واتباع الهوى، وأن يعيذنا جميعاً من
مضلات الفتن، كما نسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يعينهم
على كل خير، وأن ينصر بهم الحق، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق
أعوانهم للخير، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرع الله، وأن يجعلنا وإياكم
وإياهم من الهداة المهتدين، كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في
كل مكان، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يجمع كلمة المسلمين
على الحق والهدى، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله
وصحبه.
..............