يقول الباحث الدكتور نديم منصورى فى كتابه "سوسيولوجيا التنجيم - بحث فى اجتماعيات الذهنية الخرافية"، أن التنجيم ظاهرة مفتوحة للتنظير والتأويل وما يزال تناول هذا الموضوع من الفن أو هذا العلم غامضاً للكثيرين من الناس حتى الأوساط المثقفة.
هل التنجيم علم أم خرافة ؟ هل تم انشاء التنجيم أم اكتشافه؟هل كل ما يتوقعه المنجمون فى كتبهم حقائق علمية ؟... تساؤلات جديدة وموضوعية طرحها الباحث وحاول تقديم أجوبة لها وفق السياق العقلى والعلمي.
يعرض الكتاب الاكتشافات الفلكية الحديثة التى تتعارض مع التنجيم والمنجمين . يكفى أن نشير أن الأبراج السماوية لم يعد عددها اثنى عشر برجا، حيث أضاف علم الفلك الحديث برجا جديدا هو برج الأفعى أوالحواء ، وعليه فان برج كل شخص منا قد تغير وانتقل الى برج آخر بسبب تغير ترتيب البروج.
ويؤكد منصورى أن لانتشار ظاهرة التنجيم وتطورها جملة من أسباب نجهلها حتى الآن لافتا الى أن "المُتلقى غالباً ما يكون لقمة سائغة بالنسبة للمنجمي،, سواء فى الشرق أم فى الغرب، لأنه ما يزال يقبل القوى اللامنطقية فى حياته فكثير من نشاطاته الحاضرة مشتق من طرائق الحياة القديمة جداً، التى انتقلت ثقافياً من جيل الى جيل، وما تزال تمارس كما كانت من دون الحكم عليها أو حتى رفضها، بشكل نهائي".
و"هذه الممارسات لا ترتبط بالطبقات غير المتعلمة او الطبقات الشعبية وحسب، بل تتعدى ذلك لتطال الطبقات المثقفة التى نراها تعيش مع نفسها حياتين، حياة ثقافية يظهر بها المثقفون أمام الناس، وحياة خاصة يحيونها بينهم وبين انفسهم. فى الاولى يظهرون بأنهم علميون يرفضون كل ما هو غيبى وخرافي, بينما يعيشون فى الثانية مع الخوارق ويصدقونها ويتفاعلون معها".
ويؤكد الباحث أن "ممارسة الخرافة كنهج للتفكير فى عصر التكنولوجي ا, يدفع اى مطلع للتساؤل عن الاسباب الكامنة وراء ظاهرة التنجيم. وعليه، يمكننا افتراض العديد من الدوافع والبواغث التى تدفع الناس لممارسة هذه الظاهرة فهى إما أن تكون دوافع نفسية وضغوطاً اجتماعية بغض النظر عن الجانب الدينى الذى يحرّم هذه الممارسات، أو يكون سببها عدم التزام دينى يؤدى بضعاف الايمان الى اللجوء الى المنجمين لطلب وكشف الاحداث المستقبلية والخير والشر من الأمور، أو هو مزيج من هذا وذاك، بحيث يلجأ كل من الملتزم وغير الملتزم بالدين الى التنجيم عندما يقف العقل والدين عاجزين عن تقديم حلول مناسبة ترضى الفرد وهواجسه".
وتعتمد الدراسة على أمثلة قوامها 1000 شخص من المجتمع اللبنانى للتعرف على موقع التنجيم من البنية المعرفية لهذا المجتمع ، للتوصل الى أن 12.8 % من اللبنانيين يرتبطون ارتباطا وثيقا بالتنجيم وينفقون سنويا اكثر من اثنين وعشرين مليون دولار اميركى للكشف عن طالعهم. وقد اجرى الكاتب مقابلات عديدة مع أشهر المنجمين فى لبنان ليخلص بأنهم غير علميين ولا يمت عملهم للواقع العلمى بصلة